بيداغوجيا الأهداف

 تعد بيداغوجيا الأهداف نظرية تربوية جديدة قائمة على العلم، والعقلانية، والتخطيط، والقياس، والتكنولوجيا، والتحقق الموضوعي.


عرفت الساحة التعليمية بالمغرب، وبالتحديد في سنوات الثمانين من القرن العشرين، مقاربة
تربوية جديدة يصطلح عليها بنظرية الأهداف. والهدف من هذه النظرية أو هذه المقاربة هو عقلنة العملية الديداكتيكية بجميع مراحها بداية من التخطيط والتدبير والتقويم، مع تنفيذ الفلسفة التربوية التعليمية على شكل أهداف عامة وخاصة.


 والغرض من بيداغوجيا الأهداف هو تقويم المنظومة التربوية بصفة عامة، والبحث عن مكامن الضعف والقوة، وتحفيز وتشجيع أطر هيئة التدريس لتخطيط للدروس قبل عرضها في الفصل الدراسي أمام أنظار المتعلمين بشكل يحترم الضوابط التربوية لبيدغوجيا الأهداف وناجع وواقعي، من أجل تسطير مجموعة من الأهداف الإجرائية ، مع انتقاء المعايير الكفيلة بالقيام بعملية التقويم والملاحظة والرصد والقياس والاختبار. وبعد ذلك يعمل المدرس على تقويم المكتسبات بهدف التحقق من الأهداف المسطرة مدى تحقق النتيجة؛ لأن ذلك هو مقياس نجاح الدرس أو فشله.


فإذا تحقق الهدف الذي سطر قبل بداية الدرس، فقد تحقق نجاح العملية التعليمية التعلمية. وإذا لم يتحقق ذلك، فقد فشل المدرس العملية الديداكتيكية. وبالتالي، يجب على المدرس إعادة الدرس من جديد، عبر اعتماد التغذية الراجعة منهجا وقائيا، ومعيارا تشخيصيا، ومؤشرا تقويميا لسد التعثرات الكائنة، وتجنب الشوائب غير المتوقعة، والحد من أسباب التعثر الدراسي، ذلك بتصحيح جميع الهفوات التي ارتكبها المدرس خلال عرضه لمقاطع الدرس في مختلف المراحل الثلاث: الاستكشافية، والتكوينية، والنهائية.


هذا، وقد أخذت المؤسسات التربوية المغربية بهذه المقاربة التربوية الجديدة مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي؛ بيد أنها سرعان ما تخلت عنھا بدون رؤية أو تفكير أو عمق، لتجد نفسها أمام نظريات ومقاربات تربوية يسودها الارتجال أخرى، مثل: تطبيق دليل الحياة المدرسية، والأخذ بفلسفة الشراكة والمشروع، وتمثل تربية الجودة، والأخذ ببيداغوجيا الكفايات وببيداغوجيا الإدماج، والعمل على الاستفادة مدرسة النجاح…


بمعنى أن قطاع التربية والتعليم قد أصبح حقلا للتجارب التربوية الغربية، إذ عرف تقلبات بيداغوجية كثيرة، وتعرض كذلك لنكسات تربوية مجتمعية مرات عديدة؛ بسبب ارتجال وزارة التربية الوطنية سياسة وتدبيرا وتخطيطا، وفشلها في اختيار إستراتيجية تربوية واضحة المعالم وفعالة. ربما سبب ھذا التقلب يرجع إلى عوامل ذاتية ومزاجية، أو نتيجة لغياب سياسية ومجتمعية داخلية، أو يكون ذلك نتاجا لعوامل خارجية تتمثل تطبيق مخططات المؤسسات الدولية، خصوصا المؤسسات المالية والبنكية التي تفرض شروطا وقيود معينة في تسير قطاع التربية والتعليم، من أجل الاستفادة القروض والمنح والهبات المالي.


تعريف الهدف:


استعمل مصطلح الهدف في الميدان العسكري، حيث يعني حسب معجم روبير:" تلك النقطة التي تتجه إليها العملية العسكرية سواء أكانت ھذه العملية ذات طابع استراتيجي أو تاكتيكي محض " .

أما في البيداغوجيا فنجد بعض التعاريف:


  •   تعريف ماجر:


الهدف هو مجموعة من السلوكات والإنجازات التي سيبرهن المتعلم من خلال القيام بھا على قدرته.


  •  تعريف بيرزيا:


 يعتبر الهدف عبارة عن تخطيط مسبق للنوايا البيداغوجية للمدرس وكما يحدد النتائج المتوقعة للعملية التعليمية التعلمية.


  •  تعريف دريج:

 

الھدف هو سلوك يرغب المدرس فيه تحقه لدى المتعلم نتيجة مزاولة نشاط يزاوله كل من المدرس والمتعلمين وھو سلوك قابل للملاحظة والقياس والتتقويم.


إن الهدف البيداغوجي يلعب له أهمية كبيرة في تحديد السلوك عند المتعلم من أجل تطويره، وذلك بالانتقال من التعديل المنظم عوض التعديل العفوي، وذلك بعقلنة العمل البيداغوجي من خلال تحديد المضامين وطرق التدريس والوسائل والتقنيات البيداغوجية المستعملة وضبط النتائج التي تم تحقيقها وتقويمها.


مفهوم بيداغوجيا الأهداف:


بيداغوجيا الأهداف ھي نظرية تربوية تهتم بالمحتويات والمضامين من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف التعليمية - التعلمية ذات الطابع السلوكي، سواء أكانت ھذه الأهداف عامة أم خاصة، ويتم ذلك التعامل أيضا في علاقة مترابطة مع الغايات والمرامي البعيدة للدولة وقطاع التربية والتعليم. وبتعبير آخر، تھتم بيداغوجيا الأهداف بطريقة التخطيط للدرس وتدبيره وتقويمه ومعالجته.


المرتكزات الأساسية لبيداغوجيا الأهداف:


يعتبر تيلر هو من أسس للبنات الأولى لبيداغوجيا الأهداف سنة 1934 من بين المرتكزات السياسية التي ترتكز عليها بيداغوجيا الأهداف:


  • الفلسفة البرجمانية :


 من أبرز رواد هذا التيار الفلسفي جون ديوي (1952-1859 (Dewey.Jوتعتبر هذه الفلسفة المعرفة كأداة لتحقيق غايات نفعية هذه الفلسفة تندرج ضمن التعليم الذي يبتغي أن يكون التعليم ذو طابع علمي نفعي.

 

  • التطورالتكنولوجي والصناعي بالمجتمع الأمريكي:


مع التطور الذي عرفه المجتمع الغربي والأمريكي بصفة خاصة في الميدان الصناعي والتكنولوجي، تم الانتقال في الميدان الصناعي والإداري إلى مرحلة يصطلح عليها بمرحلة العقلانية الكلاسيكية، التي كان رائدها تايلور وتتجلى فكرة في تجزيئه المهام إلى مهام صغيرة من أجل مبدأ الفعالية والإنتاجية، وقد نقل هذا مبدأ التسيير العقلاني والنفعية والمردودية إلى الحقل التربوي.

 

  • المقاربة السلوكية في التعليم:


من أھم منطلقات النظرية السلوكية، المدرسة والتي وظفتها بيداغوجيا الأهداف، نجد التركيز على المظاهر الخارجية للسلوك القابلة للملاحظة والقياس والضبط والاهتمام بالسلوكات الإجرائية والجزئية.


المبادئ الأساسية لبيداغوجيا الأهداف:


قامت بيداغوجيا الأهداف على ثلاثة مبادئ أساسية: العقلنة  و الأجرأة والبرمجة ، فالعقلنة ھي تجاوز العفوية والارتجال إلى تبني مقتضيات العقل والمنطق وذلك بالانطلاق من مقدمات معينة للوصول إلى نتائج معينة مع تركيز الضبط الفكري.


في كل مرحلة من مراحل الإنجاز؛ أما الأجرأة فھي تجزئ العمل إلى عناصر صغيرة تحدد تحديدا إجرائيا، وذلك من خلال التحديد الدقيق، والصارم أحيانا لمجموع العناصر المكونة للإنجاز (تحديد المفاهيم والمھام المقصودة ـ الشروط والظروف التي سيتم فيھا الفعل ـ معايير التقويم وإصدار الأحكام)؛ أما البرمجة فھي تقوم أساسا على مبدأ العقلنة وتعني بصفة عامة تنظيم مصادر العمل أو الإنجاز وفق تصور منطقي يقود إلى الهدف.


أنواع الأهداف:


من المعروف أن الهدف مصطلح يستعمل في الميدان العسكري الدقة والتحديد والتركيز في الإصابة. ويعني اصطلاحا وضع خطة أو إستراتيجية ترتكز على التخطيط والتدبير والتسيير من أجل الوصول إلى نتيجة المخطط لها.


 ويتميز الهدف بقابليته للتقويم والرصد والقياس والاختبار والتغذية الراجعة وعليه، فهناك مجموعة من الأهداف، مثل: الغايات والأغراض والأهداف العامة والأهداف الخاصة، ويمكن توضيحها على النحو التالي:


  • الغايات:


الغايات هي مجموعة من الأهداف العامة أو هي التوجهات والمرامي والبعيدة المدى التي تريد الدولة تحقيقها من التربية. بتعبير آخر، الغايات هي فلسفة الدولة في قطاع التعليم، يتم تصرف هذه الفلسفة في المنهاج والبرامج الدراسية والمقررات المدرسية ومضامين الدروس.


ويعرف محمد الدريج الغايات بقوله:"إن الغايات ھي غايات أهداف تعبر عن فلسفة المجتمع، وتعكس تصوراته للوجود والحياة، أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة، مثل قولنا: " هدف التربية هو تنمية روح الديمقراطية لدى الأفراد "أو "من مهام المدرسة تكوين مواطنين مسؤولين"...إلخ.


فھذه أهداف عامة تندرج على المستوى السياسي والفلسفي العام، وتهدف إلى تربية الناشئة بما تراه جيدا للحفاظ على القيم المجتمع وخصوصيته الثقافية والحضاري.


ومن ثم، نستنتج أن الغايات ھي أھداف تربوية كبرى فيها جزء من فلسفة والسياسة العامة للدولة، وفي العديد من الأحيان   تكون أهدافا عامة ومجردة وفضفاضة.


  • الأهداف العامة:


يقصد بالأغراض أو الأهداف العامة توجهات في قطاع التربية والتعليم. أي: تتعلق بأهداف وزارة التربية الوطنية في مجال التكوين والتأطير التربوي والتدريس. ومن ثم، فكل مستوى من أسلاك التعليمية ) الابتدائي – الإعدادي -الثانوي(له أهداف ومرامي عامة. ويعني ھذا أن الأهداف أقل عمومية من الغايات لأن الغايات تهتم بفلسفة الدولة بشكل عام في حين الأهداف العامة ترتبط فقط  بفلسفة قطاع التربية والتعليم .


  • الأهداف الوسطى:


تقع الأهداف الوسطى في الوسط بين الأهداف العامة والأهداف الخاصة، أي أنها أقل عمومية من الأهداف العامة، وأقل إجرائية وعملا من الأهداف الخاصة.


  • الأهداف الخاصة:


يقصد بالأهداف الخاصة تلك الأهداف التعليمية القابلة للقياس والملاحظة والتقييم وفي أغلب الأوقات تصاغ على شكل أفعال مضارعة تتميز بدقة.



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-